اشارات لونية للتعريف بفن الجرافيك العربى
نقلا عن :فتحي العريبي - culver@fathielareibi.com
--------------------------------------------------------------------------------
إشارة أولي

شهدت مدينة لندن طوال شهر يناير عام 1978 أضخم احتفالية تشكيلية عربية متمثلة في معرض الجرافيك للفنانين العرب الذي أُقيم بقاعة العروض الفنية بالمركز الثقافي العراقي .

بلغ عدد الفنانين المشاركين ثلاثة وعشرين فنانا وفنانة عربية يمثلون فن الجرافيك في كل من مصر - العراق - الكويت - المغرب - السودان - سوريا - تونس - اليمن .

إشارة ثانية
من الفنانات العربيات المتميزات والمشاركات في ذاك المعرض :

(1)- سهي شريف يوسف - العراق

(2)- منيرة القاضي - الكويت

(3)- لطيفة التيجاني - المغرب

إشارة ثالثة
ضمن فاعليات هذا المعرض البارزة والمهمة أصدر المركز الثقافي العراقي كتابا مصورا بالألوان يقع في 94 صفحة بحجم 21 سم × 24 سم، وأحتوي علي واحد وخمسين لوحة جرافيكية بالألوان والأسود والأبيض ويعد هذا الكتاب أول مرجع تشكيلي مصور لفن الجرافيك، ونورد فيما يلي بعض المقاطع التي وردت في مقدمته الأدبية والنقدية التي صاغها الفنان العراقي : ضياء العزاوي:

المشاهد المتفحص لهذه المجموعة ( الجرافيكية) وبكل ما تطرحه من أفكار وصياغات فنية لابد وأن ينتهي في التساؤل عن خصائص ما نطلق عليه الآن بفن الجرافيك العربي وربما أبعد من ذلك في التساؤل أيضا عما إذا كانت هذه الخصائص تُشكل ظاهرة واضحة التقاليد والانتماء الفني ضمن وسائل التعبير الأخرى كالرسم الزيتي مثلا.

إن معاينة هذه التساؤلات ضمن تاريخ الحركة التشكيلية العربية والتي لا تذهب بداياتها في أكثر الأقطار العربية إلى ابعد من القرن العشرين ، يمكننا أن ندرج ظهور فن الجرافيك : طباعة علي الحجر - طباعة علي الحرير . للمتغيرات التي فرضها مستوي نمو الحركة الفنية في هذا القطر أو ذاك بحيث أصبح عمق الخبرة الفنية مرادفا بالنسبة للفنان العربي لاكتشاف وسائل تعبيرية أخري يقع بعضها من الناحية التقنية خارج تجربة الرسم الزيتي ولم يكن ذلك يعني غير نوع من الحلول مرهونة في نجاحها بمدي إتقان ما يتميز به هذا الفن من حرية واسعة في تداخل مواده وما يجيء به من تنويعات لونية أخاذة.

بهذا المعني يكون فن ( الجرافيك) نوعا من البديل إزاء محدودية تطبيقات تقنية: مادة الزيت. فالأفكار وطريقة طرحها لا يمكن أن تكون بمعزل عن خاصية المادة لموازاة ذلك يمكن (الإشارة) إلى نوعية بعض الأفكار لا تتحقق عناصرها التشكيلية إلا من خلال هذه الطريقة بالذات.

من هذا المنظور تكون تجربة الجرافيك محاولة نوعية لتوجه الفنان في تجديد معرفته بل في اكتشافه لعوالم لم يتعرف عليها ضمن التقاليد المعروفة للرسم بالزيت .

أما حول التوقعات والمتطلبات لدي فنان الجرافيك العربي قال :

لقد اصبح بإمكان الفنان العربي الآن أن يدمج بين متطلبات مستقلة في التعبير وبين إمكانية جماعية لتداول الفن وهو أمر لم تستهدفه المحاولات الأخرى عدا بعض الاستثناءات .. وعلي الرغم من صعوبة معاينة هذا الفن بمعزل عن التجربة الفنية العربية بشكل عام فانه ما زال يشكل نوعا من الخبرة الشخصية التي لم تتمكن من أن تذهب بخصائصها وإشاراتها لحدود ظاهرة عمل جماعية لها تقاليدها الواضحة ليس في التعبير وحسب وإنما في العرض الدائم والتداول الجماعي الذي هو إحدى أهم مميزات هذا الفن.

وعن هذه التجربة وهذا الملتقي العربي الضخم قال:

حين تعاين هذه التجربة عن قرب فانك تجد امتدادات فنية متفوقة تعتبر الآن من المكاسب المهمة لحساب التجربة الفنية العربية.

خلاصة هذه الإشارة
إن هذا التجمع التشكيلي العربي غير المسبوق أظهر بوضوح مدي خصوبة الأشكال التي يتعامل معها الفنان سواء من حيث تحقيقها بمعرفة تقنية مدهشة أو من حيث تنوع التكوين الذي يدفع به بدون قلق تقني نحو مقتضيات الموضوع المطروح وفي ذلك إشارة واضحة إلى جدية التجربة واستيعابها للقيم المتداخلة في الثقافة الفنية العربية.

إشارة رابعة
في عام 1985 – ف صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة . كتاب فن الجرافيك المصري الذي يعد حتى الآن أول كتاب بالمكتبة العربية يتولى مسألة التعريف الدقيق بفن الجرافيك وهو من تأليف فنان الجرافيك المصري الأستاذ فتحي أحمد - الذي يعتبر أحد أهم فناني الجيل الثالث في فن الجرافيك في الشقيقة مصر.

الكتاب من الحجم الكبير ويعرض لسيرة وأعمال ( 59 ) فنانا وفنانة مصرية من فناني الجرافيك وجميع اللوحات الداخلية مطبوعة بالأسود والأبيض بما في ذلك الغلاف الأول الذي تتصدره لوحة رائعة من أعمال المؤلف ذاته.

إشارة خامسة
ماذا تعني كلمة : جرافيك - Graphic ؟

والبحث عن معني هذه الكلمة الأجنبية لا يشكل صعوبة تذكر فمعظم القواميس الفنية المتخصصة تفيد أن أصل هذه الكلمة لاتيني وهي من كلمة جرافوس – Graphus وتعني ضمن ما تعني خط مكتوب أو مرسوم أو منسوخ ، فأستعير اللفظ في اللغات الأوربية لكي يطلق علي كل رسم بخط منسوخ ثم أصبح اسما عالميا لهذا الفن وجاء في اللغة الفرنسية هكذا: Gravure .

أما في المعاهد والكليات الفنية بالوطن العربي فله عدة تسميات باعتباره فنا وافدا وحديثا وهي تختلف من قطر لآخر ولكنها لا تتعدى أربعة مسميات هي :

(1)- فن الحفر

(2)- الفن المطبوع

(3)- التصميم

(4)- فن الجرافيك

استعمل هذا الفن أول ما استعمل لدي الصينيين لعمل الزخارف الخاصة لطباعة الأقمشة وكان نوع الحفر المستعمل هو الحفر علي الخشب ويرجع تاريخ أول صورة ظهرت في الشرق مطبوعة علي ورق من لوح خشبي تعود إلى سنة 868 ق . م.

ولم يتحقق طبع أعمال فنية علي الورق حتى القرن الرابع عشر، ويرجع تاريخ أول نسخة مطبوعة من حفر خطي إلى سنة 1446 كما ظهر أول عمل محفور علي المعادن بطريقة الحفر الحمضي عام 1513.

إشارة سادسة
في الوقت الحاضر ينقسم فن الجرافيك إلى ثلاثة أنواع هي:

(1)- الطباعة من سطح بارز وهي شبيهة بطبع الصحف والكتب والمجلات ومعظم الرسوم الخاصة بالأغراض التجارية والإعلامية والثقافية.

(2)- الطباعة من سطح غائر حيث يقوم الفنان بالحفر باستعمال الأحماض الخاصة أو الإبرة أوالأزميل وهي تعطي نتائج عكسية للنوع السابق . خلاصتها تتمثل في الرسم علي نوع معين من الحجر الجيري بحبر أو بقلم دهني ثم

(3)- الطباعة من سطح مستو تندية الحجر بالماء فنجد أن الماء سيغطي جميع سطح الحجر إلا الأماكن المرسومة بالمادة الدهنية ، وعند تحبير الحجر بعد ذلك بحبر الطباعة فان هذا الحبر سيغطي الأماكن المرسومة الخالية من الماء تماما أما الأماكن غير المرسومة فلن يعلق بها الحبر لأنها مغطاة بالماء، بعد ذلك يتم طباعة الحجر في المكبس الخاص بالطباعة.

إشارة سابعة وأخيرة
لفن الجرافيك علي تعدد أنواعه وأساليبه خصائصه المميزة والفريدة عن سائر الفنون التشكيلية في نتائجها المتوخاة ، فلوحة الجرافيك تتميز بقيم جمالية فنية لا نجد لها مثيلا في الأعمال التشكيلية الأخرى منها أن الفنان يستطيع أن يحقق الملامس المتعددة التي تعطي تأثيرات مختلفة كما أن الأعماق والبروزات تساعده كثيرا في التعبير .
--------------------------------------------------------------------------------
المصادر :
نشرة - معرض الجرافيك للفنانين العرب
تقديم : ضياء العزاوي
المركز الثقافي العراقي - لندن 1978
فن الجرافيك المصري
تأليف : فتحي أحمد
الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1985
--------------------------------------------------------------------------------
مجلة تعنى بالفن التشكيلي العربي والعالمي ـ جميع الحقوق محفوظة للفنان التشكيلي حميد خزعل
مجلة التشكيلي - www.altshkeely.com / نشر في يوم: الأربعاء 27/11/2002